اختلاف عمر مع بني المروان

وهنا يبين مدى عدله عندما منع بني المروان ما كانوا ياخدون بغير وجه الحق ويمنعهم تلك العطايا التي لم تكن لهم وإنما أخذوها محاباة والعياذ  بالله
عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ: " اجْتَمَعَ بَنُو مَرْوَانَ عَلَى بَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجَاءَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ لِيدْخُلَ عَلَى أَبِيهِ، فَقَالُوا لَهُ: إِمَّا أَنْ تَسْتَأْذِنَ، لَنَا، وَإِمَّا أَنْ تُبْلِغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنَّا الرِّسَالَةَ، قَالَ: قُولُوا، قَالُوا: إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ كَانَ يُعْطِينَا وَيعْرِفُ لَنَا مَوْضِعَنَا، وَإِنَّ أَبَاكَ قَدْ حَرَمَنَا مَا فِي يَدَيْهِ، قَالَ: فَدَخَلَ عَلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " قُلْ لَهُمْ: إِنَّ أَبِي يَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ".

عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِحَاجِبِهِ: لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ الْيَوْمَ إِلَّا مَرْوَانِيُّ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا بَنِي مَرْوَانَ، إِنَّكُمْ قَدْ أُعْطِيتُمْ حَظًّا وَشَرَفًا وَأَمْوَالًا، إِنِّي لَأَحْسِبُ شَطْرَ أَمْوَالِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ ثُلُثَهُ فِي أَيْدِيكُمْ؟» فَسَكَتُوا، فَقَالَ عُمَرُ: «أَلَا تُجِيبُونِي؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَاللهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يُحَالَ بَيْنَ رُءُوسِنَا وَأَجْسَادِنَا، وَاللهِ لَا نَكْفُرُ آبَاءَنَا، وَلَا نُفْقِرُ أَبْنَاءَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: «وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيَّ بِمَنْ أَطْلُبُ هَذَا الْحَقَّ لَهُ لَأَصْعَرْتُ خُدُودَكُمْ، قُومُوا عَنِّي».
عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَعْرَابِ خَاصَمُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْمًا مِنْ بَنِي مَرْوَانَ فِي أَرْضٍ كَانَتِ الْأَعْرَابُ أَحْيَوْهَا، فَأَخَذَهَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَعْطَاهَا بَعْضَ أَهْلِهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبِلَادُ بِلَادُ اللهِ، وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللهِ، مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتًا فَهِيَ لَهُ» فَرَدَّهَا عَلَى الْأَعْرَابِ .
هؤلاء هم أهل الخليفة وحاشيته وكانوا مكرمين على عهد من سبقهم من الأمراء والسلاطين ولما جاء عهد عمر منعهم تلك العطايا التي كانت بغير وجه الحق وأعاد الحقوق لأهلها ولقد كان هذا النوع من الظلم متفشيا في بني أمية فكانوا يؤخذون أراضي من عارضهم من شيعة الإمام علي وكانوا يأخذون الأرض التي تعجبهم ولم تكن سيرتهم محمودة في الأمة فلما جاء عمر أراد رد  كل تلك الحقوق إلى أهلها .
بل أراد أن يأخذ مال بني المروان ولكن خشي القتل في سبيل ذلك خشي أن يبيد عشيرته التي تشبعت بحب المال فقد رفضوا تسيلمه تلك الأموال التي أخذوها في زمن من قبله فخشي عليهم القتل أن يحل فيهم ولو قتلهم لكان خيرا لهم ولكنه صاحب حلم ورحمة رضي الله عنه فأبعدهم عن وجهه وانتهى

فكان  رضي الله عنه يرضى أن يعيب من سبقه في أعمالهم لكي لا يبقى للناس أسوة بهم  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق