عن جعونة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الموسم:
«أما بعد فإني أشهد الله وأبرأ إليه في الشهر الحرام والبلد الحرام، ويوم الحج
الأكبر، أني بريء من ظلم من ظلمكم، وعدوان من اعتدى عليكم أن أكون أمرت بذلك، أو
رضيته أو تعمدته، إلا أن يكون وهما مني،
أو أمرا خفي علي لم أتعمده، وأرجو أن يكون ذلك موضوعا عني مغفورا لي، إذا علم مني
الحرص والاجتهاد، ألا وإنه لا إذن على مظلوم دوني، وأنا معول كل مظلوم، ألا وأي
عامل من عمالي رغب عن الحق ولم يعمل بالكتاب والسنة، فلا طاعة له عليكم، وقد صيرت
أمره إليكم، حتى يراجع الحق، وهو ذميم، ألا وإنه لا دولة بين أغنيائكم، ولا أثرة
على فقرائكم في شيء من فيئكم، ألا وأيما وارد ورد في أمر يصلح الله به خاصا أو
عاما من هذا الدين، فله ما بين مائتي دينار إلى ثلاث مائة دينار على قدر ما نوى من
الحسنة، وتجشم من المشقة، رحم الله امرأ لم يتعاظمه سفر يحيي الله به حقا لمن
وراءه، ولولا أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أمورا من الحق، أحياها الله لكم،
وأمورا من الباطل أماتها الله عنكم، وكان الله هو المتوحد بذلك، فلا تحمدوا غيره،
فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري، والسلام عليكم .
الفوائد الجلية من هذه الخطبة الربانية
*أولا
على الولي أن يحرص على محاسبة الأمراء فان جهل
شيء او نسي او خفي عليه فعلى الناس أن تعذره فذلك مما يغفره الله له .
ثانيا
براءة عمر من كل أعمال بني أمية الذي ظلموا الناس وافسدوا في أرضهم
يجعل
من نفسه أداة للمظلوم عند قوله أنا معول كل مظلوم وكأنه يقول انه اليد الضاربة
للمظلوم على الظالم .
واهم
ما في الخطبة إسقاطه للحصانة المزعومة للأمراء التي ابتدعها بنو أمية وهذا نفسه
كلام عمر بن الخطاب .
فنجد
انه يأمر الناس أن لا تطيع الأمير الذي لا يعمل بكتاب الله وسنة رسول الله وان الأمة
هي المكلفة بمحاسبة هذا الأمير الفاسد .
فقال ألا وأي عامل من عمالي رغب عن الحق ولم يعمل
بالكتاب والسنة، فلا طاعة له عليكم، وقد صيرت أمره إليكم، حتى يراجع الحق، وهو
ذميم
والعامل
هو الأمير رغب عن الحق إن لم يعمل به
وابتعد عنه وفضل غير الحق فلا طاعة له عليكم يعني لا تجب طاعته في المطلق وقد صيرت
أمره إليكم أي أمر عزله ومحاسبته حتى يرجع للحق فان رجع للحق ذميم يعني منكسر ومنقاد للحق فان فعل هذا عن انكسار
وتوبة وخشوع عادوا لطاعته ولا تكاد توجد فتنة ألا وسببها سكوت الناس عن
الحق وقبول الباطل .
أيضا
من الفوائد التسوية بين الناس في العطايا والمنح حتى لا يصبح المال حكرا على الأغنياء
ولكي لا يحس الفقراء بالظلم والإهمال وهذا أيضا من أهم أسباب الفتن والمشاكل
الاجتماعية .
أيضا
أهم شيء في الخطبة هو سنة عمر بن العزيز الجديدة السنة الحميدة الطيبة وهي تخصيص
مبالغ مالية معتبرة لكل من يوصل للأمير شؤون الناس وإخبارهم وحقيقة ما يحدث في
البلاد ليكون على اطلاع تام وهذا حث منه للعامة على مراقبة العمال والأمراء من اجل
التحقيق في شؤونهم وما يقوم به من أعمال
وهذا
لمن يكون من أهل البلدان البعيدة عن ارض الخلافة وهذا من خير الأمور التي قام بها
ولم يعمل بها من جاء من بعده ولو بقيت هذه السنة لكان من ورائها خير كثير جدا .
وكان
ينوي أيضا أن يقيم الكثير من الأمور التي ارتضاها الله ويميت الكثير من الأعمال
التي لم يرضها الله فمثلا احرق بيت المكس ونسفه في البحر في فلسطين لكي لا يكون
سنة فاسدة تبقى ومثل هذا أراد أن يغيره في بلدان كثيرة .
ولكن
الله توفاه قبل أن يكمل مسيرته .
وبين
للناس اهمم شيء وان هذا الذي هو فيه ليس له فيه فضل بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء
سبحان
الله انه يبين للناس حقيقة ما هم فيه انه لا يأتي إلا بعون الله وان الإنسان لو
عمل بما فيه نفسه لما اختلف عن الوليد ويزيد وغيره ولكنه إذا عمل بشرع الله بارك
الله ووضع له الخير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق